شعانبي


الحكاية هاذي باش نحكيها اما بش نبدل الأسماء احتراما للناس ولأصدقاء سنوات طويلة مضت:


الوقت تقريبا ديسمبر 2015، أكثر السنوات حزنا وصعوبة في تونس، تفجيرات وارهاب وريحة الدم تتشم في كل شارع: هجوم إرهابي في الفحص، مبعد في باردو، مبعد في بوشوشة، مبعد في سوسة، مبعد في محمد الخامس، مبعد في مغيلة.

عام صعيب والناس ولات تشوف الموت كل يوم والبعض دخل في دوامة من محاولات النسيان المجنونة بأي طريقة ممكنة.

المكان: كوبا ليبر، معندي حتى فكرة كان مازالت محلولة ولا، في قمرت.

الشخصيات: العبد لله، صاحبي لول، وصاحبي الثاني.

صاحبي اللول من حي غني في تونس، من منطقة مرفهة الى حد ما، انسان قريب منو برشة، وصداقتنا من أهم الصداقات لي اثرت فيا وفي حياتي على الرغم من الفروقات العديدة بيننا الزوز، في خياراتنا، خلفتينا الفكرية، طفولتنا، آراءنا حول الحياة والموت والدين والأخلاق والبشر، كل شي تقريبا، لكن ديما صحاب، وديما ناقف معاه وياقف معايا.

صاحبي الثاني، زميلي في السكن، من منطقة القصرين، موفور ماديا زادا، ولكنو قريب مني من ناحية الخلفية، منطقة قريبة مني، على الرغم من اني عمري ما مشيتلها، كاسح، عندو كوميديا استثنائية قادرة انو تضحك الناس الكل في احلك الاوقات، على الرغم من جديتو في معظم الأحيان، خشين وطويل وعندو بونية صحيحة، ويتكيف.

الإطار:

قاعدين نشربو في الويكند، بدون تركيز في موضوع معين، الدنيا ولات تخوف و معادش ثمة حتى امكانية في التغيير في المستقبل في السنة هذيكا بالذات، حابين فقط نتلمو، نفدلكو شوية، نضحكو، ونروحو على رواحنا.


صاحبي الثاني: مايجيش.. ما يجيش هكة…

صاحبي لول: شبيك.. شبي صاحبي؟

صاحبي الثاني: مش عمايل متاع رجال هاذي..

انا: يا ولدي أما عمايل؟ لباس؟ مالكعبة الثالثة وليت تحكي هكة؟

صاحبي لول: اسكت حمادي، خلي الراجل يحكي، شبيك صاحبي؟

صاحبي الثاني -يمسح في دمعة من على خدو اليمين- : والله ما يجيش هكة.. الوالد مريض برشة، السكّر عامل فيه، وبش يعمل عملية آخر جانفي، وانا قاعد لهنا نسكر، والله ماني راجل.

انا: صلي عالنبي يا راجل، شبيك تحكي هكة، ربي يشفيه الوالد معادش تحكي هكة.

صاحبي لول: وين الوالد توة؟ وين موجود؟

صاحبي الثاني: وين بش يبدى موجود براسمك؟ - يكمل كعبتو الثالثة فيسع ويحطها بالقوي على الطاولة- ماو في الڨصرين.

صاحبي لول - يضرب على الطاولة ببونيتو لين صحن الكمية ترج بكلو تهز وتحط- : يبالحرام انا نهز خويا للقصرين يطل على الوالد، والله ما نخليها في قلبك صاحبي.

انا، والشك بدى يدخل في قلبي، : عندك حق، نخممو في الويكند نطلوا عليه الوالد علاش لا، هز صاحبك يطل على بوه يعطيك الصحة.

صاحبي لول -يغزرلي كايني سبيتو-: أما ويكند متاعك؟ يا ولدي توة نهز صاحبي للڨص يطل على بوه!

راسي دار، اش نعمل معاهم هذوما هاو سكروا ظهرلي: يا ولدي شبيك؟ هبلت؟ توة نص الليل ديجا، وين ماشي؟ تي راك بالعو نقص من حديث الشراب متاعك.

ينقز صاحبي لول من الكرسي، ويجي واقف مترنحا، يحط يدو على الطاولة بش ما يطيحش، ويكمل: مانيش سكران، معادش تعاودها هاذي - يستوي مراياتو لي تعوجت اللوطا- هيا نتوكلو على ربي.

صاحبي الثاني: واللهي صاحبي راجل، صنديد أصل، يعنبو لي يفسدها.

يضربو على كتفو بالقوي لين قريب طاح.

انا: اقسم بالله العظيم لا نتحرك من هنا، براو للقصرين ولا سبيبة ولا حاسي فريد، هاربة بيكم والله.

صاحبي لول، يدزني بالشوية: هيا خونا حمادي ما تفسدهاش عاد، تحرك، يا ولدي ماناش ماشين ياخي صدقت، هيا نقصدو ربي ونروحوا لديارنا توة نص الليل.

انا: كلمة؟

صاحبي لول: وراس عم ضو متاع البريك، هيا نوصل خويا للمنار.

طلعنا في الكرهبة، وانا قلبي ماهو قايلي خير، صاحبي لول ونعرفو مليح كي تطلع في راسو، ناس ملاح و ذكي و ثابت على مواقفو أما راسو اصح من واحد في مكتب الضبط متاع بلدية.

شد الثنية، بدى يزيد في الفيتاس، وانا، يا صاحبي نقص، ياصاحبي صلي عالنبي.

انا: يا طحان، خرجة المنار يا طحان، وين ماشي؟ 

صاحبي الأول يدخل في هيستيريا متاع ضحك

صاحبي الثاني ينضم في هيستيريا الضحك ويدقوا عليها اليد على اليد.

صاحبي لول يتهز ويتنفض على الفولون ويصيح: الليييييلة ما تبات إلا في الڨصرين يا خوااااف، توة انتي من بوزيد يا بوهالي؟

حطيت يدي على راسي، راسي يدور، ويدور، مانيش مصدق.

انا: يا ولادي بلهي يزي ماللعب، راو عندي قراية وخدمة نهار الاثنين، بجاه ربي هبطني ويزي ماللعب بلحق ما يجيش حتى تفدليك.

صاحبي لول، منغير ما يغزرلي،: هاونو الباب قدامك حل ونقز يا متاع الخدمة.

ما وقف صاحبنا لول كان ما فتنا مرناق، عبا ليصونص، وعاود انطلق، وانا مالصدمة ما هبطتش حتى مالكرهبة نشم شوية هواء.

منجمتش حتى نرقد، صاحبي لول وصاحبي الثاني شايخين، هاو راي، هاو مزود، هاي قصبة، صاحبي الثاني رجعت فيه الروح وولى يحكي ويصيح ويفدلك، وصاحبي لول داخل في اوفوريا متاع رجلة ورجل المرحلة الصعبة والمواقف الشهمة.

راسي تخلط، بالوجيعة والدوخة والالوان، ساقيا نعست، ظهري يوجع، ناقص نوم.

ما تحركت كان كي بدات الشمس تضرب في وجهي شوية.

وصلنا الڨصرين، الخمسة متاع الصباح.

هبطت تحت البلاكة الخضراء، ورديت مباشرة. تفرهدت شوية.


صاحبي الثاني تحول، ولى هو دليل المكان وصاحب الرحلة، هزنا لقهوة الاتحاد، دخلنا، خذيت قهوة وكعبة كيك، جينا نخلصو، يطلع كل شي بثلاثة دنانير.

يصيح صاحبي لول: يا معلم، كان يسمع بابا بالاسوام هكة هوني إلا ما ينقل بينا للڨصرين.

تبسمت، ما عادش فيها، المأزق صار والعملة وعملوها ومعاد عندي ما نعمل.

الڨصرين، قطعة اخرى من تونس لي نعرفها مليح، اخت من اخوات بوزيد وقفصة والوسط الغربي الاحرش، الناس لابسة لبسة خشينة وصوابعها مجروحة مالبرد والهواء الشايح متاع الجبل في الشتاء، بخار يطلع ودخان السواقر وبراوط المروب وحاجات اخرى. شوارع في حالة عمري ما ريتها، البلد في حالة حرب حقيقية، شكاير متاع رمل، حرس وشرطة وجيش، كلو مسلح، مش سلاح العادة فرد على جنب، اكثر سلاح ببرشة، اول مرة نشوف مشهد هكة. الناس مش مرتاحة، تغزر على جنب، وما تعطيش الجنب.

هزنا صاحبي الثاني لدارهم، فرحوا بينا، كليت لين قريب ندوخ بالماكلة، والوالدة تهز وتجيب، وصاحبي الثاني فرحان مع بوه ورجع كالنوارة.

دخت من نقص النوم، هزنا النوم في بيت صاحبنا الثاني.

صاحبي الثاني: هاني في القهوة لولاد، ارتاحوا شوية وكلموني.


نعست في لحظة، اما قمت فيسع، قمت مفجوع وبدني الكل برد.

نسمع كان في الضرب، ضرب ضرب ضرب متاع افلام.

شنوة هذا؟ قيمت صاحبي لول، ضربة ثنين، يا ولدي فيق!

اشنوة اشثمة؟

تسمع في الضرب؟

…. ايه…. شنوة هذا يا بوقلب؟

هزيت التلفون وكلمت صاحبي الثاني: لباس؟ تسمع في الضرب؟ شنوة صاير؟

صاحبي الثاني: عادي يا راجل، تي يقنبلو في جبل سمامة، عندهم جمعتين هكة، ارجع ارقد على روحك.

يقنبلو؟ يا ولدي فاش يقنب…؟

علق عليا.


رجعت اتكيت، حاولت نرقد، ما نجمتش، نسمع في صوت القصف ومانيش مستوعب لي انا في تونس ولي حاليا ثمة قصف جوي على جبل بعيد عليا اقل من عشرة كيلومترات.


نقزت من الجراية، تحركت، خرجت من دار صاحبي الثاني، كلمتو وعرفت منو لي هو في قهوة اسمها الجزيرة كان مانيش غالط، سألت، مشيت ووصلت، نلقاه يتفرج في طرح مع ولاد حومتو ويضحك.

صاحبي الثاني: اهلا بالحمدي، تفضل اقعد، سليم وفلان وفلتان وعلان. صاحبنا حمادي هبط معايا من تونس، اما تابعنا من بوزيد الشقيقة

ضحكوا لولاد وسلموا عليا.


قعدت، هبطلي صاحبي الثاني تاي باللوز، يرحم والديه، شربت ودفيت شوية، بدى القلق والخوف يبعدوا شوية، قهوة كيما قهاوي بوزيد الكل، حسيت بالألفة لي عندي برشة عليها وقتها في عام غريب. 

خلط صاحبنا لول بعد ساعة تقريبا. قعدنا وحكينا وضحكنا ونوعا ما حسيت انو ماكانتش غلطة هالطلة على الڨصرين الأليف الدافئ على الرغم من وحشة المناظر لي شفتها والتسلح الزايد في مشهد سريالي بالنسبة ليا وقتها.

طلعنا في الكرهبة، انا وصاحبي لول وصاحبي الثاني وولد بلادو اسمو سليم.

قعدنا في الكرهبة، ضحكنا شوية على مواضيع تافهة، و يعمل هكة وصاحبي لول يضرب الفولون ببونيتو: 

تي اقسم بالله تركبلي توة نمشي للشعانبي.


غمضت عينيا، مدة خمسة ثواني هكاكة، ياخي هذا مش ناوي يهفت؟

انا: - يا عم صالح، فدلكت المرة لولى قلنا ميسالش، فدلكت المرة الثانية وقلت نوصلك للمنار وجبدت بيا وقلت ميسالش، توة معادش تفدليك هذا ولى لعب مع القرودة، هيا حكمتش عقلك يا عمار؟

صاحبي الثاني يتلفتلي: وعلاش؟ وشتقصد؟ وشبيه جبل الشعابني؟ عييت نصيد فيه نا وولاد عمي ولباس علينا ونروحوا لديارنا، تشبيك طلعت جيفة طول اراجل؟

انا: يا ولدي انا اكبر جبان في العالم، أما جبل الشعانبي؟ توة؟ هبلت في راسك؟

صاحبي الثاني، طفاني وتلفت لصاحبي لول: برة برة انده، بالحرام ما نعملو تصويرة قدام الشعانبي ونرجعو خلي الناتن لي وراك يعرف الڨصرين.

صاحبي لول مكانش مالعاكسين وخطف الكرهبة ديراكت.

وجهي ولا يعرق في الشتاء، مانيش عارف شنعمل، نحل الباب، انقز من الكرهبة؟ ياخي شنوة مقرمشين الجماعة البارح؟ حتى بعد ما صحاو وتغدوا وتفرهدوا باقية هاربة بينا فرس؟

الثنية بدات تخوف، الديار نقصت، الكياس صغر كاينو شرب، ولا خيط، قابلنا الشعانبي، جبل عندو رهبة مخيفة، عالي، كبير، وسط الخلاء وحدو منتصب طالع للسماء.

تلفتلي سليم وقلي بالشوية: متخافش اراجل، حكاية فارغة، يا ولدي الناس الكل تجي تصيد ما ثمة شي الهنا.

صاحبي لول بيدو حسيتو بدى يخاف، تكلم بالشوية: زعمة لازم منها المشية؟ تي هاو بعيد الكازي طلع.

صاحبي الثاني وصوتو يلعلع: هيا اشبيكم توة النهار المبروك. جدودنا كانوا يباتوا غادي ادين.. تي نعملو تصويرة ونرجعوا !!


قربنا، الجبل كبر وكبر لين وليت نحسو محاصرنا من كل بلاصة، الكرهبة ولات تمشي بالشوية، ونشوف في حاجز، وفيه بلاكة "قف، منطقة عسكرية".

صاحبي لول ولا على بالو كمل في عقلو السياقة.

نشوف في دبابة، ايه دبابة شخصيا، والجزء العلوي متاعها أو "البرج" ملي كان مواجه الجبل دارلنا.

عيطت: حبس حبس، يزي يا مضبع بش نموتوا اليوم. 

الكرهبة توقفت تماما، ونشوف في غبرة من تحتها بحكم انو تراب و معادش ثمة كياس، الصمت رهيب، الدنيا الكل ساكتة، الوقت حبس، والصوت اختفى.

جندي طل براسو، هبط، بدى يمشي بالشوية، خايف، مشبر الشتاير متاعو ناحية الكرهية، وانا حاس في قلبي توقف تماما، شافنا لابسين لبسة محترمة، لي يقلك كنا نسهرو في قمرت وصبحنا في الشعانبي، ويدخل في موجة متاع غش:

  • اهبط! اهبط يعن دين**** فاش تعملو الهنا؟ 

صاحبي الثاني: لباس الجماعة جايين من تونس حبيت نجيبهم يعملوا تصيويرات

الجندي: تصيويرات؟ بلفدير لهنا؟ توة نوريك كيفاش، ترص في بلاصتك وما تتحركش. 

يهبطنا الجندي الكل، ويدورنا بش وجهنا يقابل الكرهبة وظهرنا يقابلوا، ورجع يتحرك لمدخل الجبل.

نحنا واقفين هكاكة، ونتلفت لصاحبي الاول:

  • شفت عمايلك لي كي وجهك وين توصّل؟ هيا شقولك؟

نشوف فيه يعض على يشايفو، ومبعد يتطرشق بالضحك، مانيش مصدق والله.

نسمعو في حس حد جاي، شاب صغير، باين ڨرايدي، فمو شايح ومشقق، وباين تاعب.

  • اهلا وسهلا بالشبيبة، جايين تحوسوا مالا؟ 

انا: كان تعطيني وقت نفسرلك كل ش..

  • وروني بطاقات تعريفكم تره.


صاحبي لول والثاني مدوا بطاقات تعريفهم، انا معنديش وقتها اما عندي نسخة، وسليم معندوش.

سليم: راني نسكن في حي الزهور من هنا مانيش بعيد.

الرائد: - ماكش بعيد؟ هاي هاو بش نبعدوكم شوية.

رجعلنا بطاقات التعريف، وحط يديه على  جوانبه: - انتوما بصراحة داخلين منطقة عسكرية بدون ترخيص، في وقت أحرف كيما هكة، وتقلي جايين نصوروا وما نصوروا. برجولية مانيش ناقص لعب الذري، بش نعديكم للداخلية تتصرف معاكم. شدوا الكرهبة وما تتحركوش، هاو صاحبكم العسكري يعلم بيه ربي بش ترصيلو يعس على مفرخ كيفكم.

قعدنا في الكرهبة، احساس ببرشة خوف مخلط ببرشة غضب تخلطوا مع بعضهم وسطي، حسيت انني في عمر كبير على اللعب والاستخفاف، في نفس الوقت حسيت ببرشة إهانة.

الوقت بدى يتعدى، واحنا ساكتين، كلمة لا تقريبا، الخوف قاعد يتضاعف والدنيا قاعدة تظلام، واحنا مقابلين الجبل.

الجندي مشى وجابلنا دبوزة ماء، حطها من بعيد على الأرض وخلاها تتكركب للكرهبة، شربنا، ريت صاحبي لول شرب حربوشة متاع دواء، وهزو النوم حرفيا. صحة ليه، يا ولدي نشرب اربعة كان بش يجيبلني النوم.

شديت شعري بيديا، حاس اعصابي بش تتحرق، اول مرة في حياتي نتمنى الداخلية تجي توقفني ولا تهزني ولا تعمل لي تحب.


الدنيا ظلامت حرفيا، صاحبي الثاني عمل تلفونات، كلم بوه وعمو وعباد اخرى مانعرفهمش، ومعادش مركز اصلا في شنوة يحكي.


سمعنا صوت كرهبة، هبطنا الكل، هبطوا البوليسية، زوز، واحد طويل قد العرصة، ولاخر قصير وكرشو قدامو بش تنفجر واصلع، شاد في يدو اوزي، اول مرة في حياتي نشوف اوزي قدامي..

  • شنوة، جايين تجيبولنا في الارهاب؟ - يقول هكة ويعطيني بدزة بالاوزي على كتفي حسيت روحي بش نطيح - اطلع اطلع احبيبي، هاو بش نفرحوا بيكم الليلة.

جيت بش نطلع في كرهة الحاكم، يعاود يدزني:

  • شنوة قتلك اطلع تجري بش تطلع؟ برة اركب مع جماعتك في الكرهبة وتبعونا، وكانكم رجال شدوا ثنية أخرى.


انطلقت كرهبة الحاكم قدامنا، واحنا وراها، وانا مانيش عارف نفرح ولا نبكي ولا شنوة الوضع، معانا زوز أعوان أمن قريب الشعانبي في فترة مخيفة برشة، وكل شي ينجم يصير، حاولت نغمض عينيا ونهدي روحي شوية، النفس مقصوص عليا ووليت نلهث كايني كنت نجري.


وصلنا المركز، دخلنا، العون الطويل سكر باب المركز بالمفتاح، تلفتلنا وصفق بيديه: 

  • الليلة ليلة يا بڨبوات! بالحرام ما نصبحو بيكم.

تلفت لصاحبي الثاني وصاح عليه:

  • تكلم في بن جدو على أساس بش تسلكها؟ يا ولدي كي تكلم الباجي الليلة، هاك بحذانا ماك ولد بلاد عاد، تجيب في الجماعة للشعانبي؟

الليلة كانت من أطول الليالي في حياتي، قسمونا على زوز بيروات، كل مرة تبحث عند واحد

البحاث: اسمك الكامل

انا: محمد بن لطيف خليفي

البحاث: تاريخ ومكان الولادة

انا: كذا كذا كذا ، سلطنة عمان

البحاث: ياخي مش قلت من سيدي بوزيد

انا: ايه اما مولود في عمان

البحاث: وشتعمل غادي

انا: شنعمل؟

البحاث: علاش مولود غادي

انا: العائلة كانت غادي

البحاث: ستنى نشوف، تره… تي تتمنيك عليا؟ هاو عنوانك في صفاقس في بطاقة التعريف؟

انا: ايه في صفاقس اما راني من سيدي بوزيد

البحاث: تي ماو قول صفاقس ويزي مالدروشة، اعطيني عنوانك تره

انا: شارع غرناطه، المنار، شقة عدد….

البحاث: اوووه، هالنهار المبروك، عنوانك لي في البطاقة، وشبيك ما عندكش بطاقة؟ تمدلي في نسخة مهرية كي وجهك؟

انا: فكوهالي 

البحاث: شكون

انا: البوليسية

البحاث: وين؟

انا: مركز سوق الزيتون، صفاقس

البحاث: وعلاش؟

انا: والله نسيت

البحاث: نسيت؟ باهي هاو بش تنسى، توة انت في صفاقس وصاحبك ما الڨصرين وصاحبك لاخر من تونس، منين عرفتوا بعضكم؟

انا: نريفزو مع بعضنا.

البحاث: واحد يقرى قانون ولاخر انفورماتيك ولاخر ماركتينغ. اش تريفزوا مع بعضكم؟ توريزم؟

يمشي يعمل تلفون ويرجع. يشعل سيجارو.

البحاث: هاك كنت في لبنان وتركيا السنة، ماشي تلتحق؟

انا: …لا، مشيت لدورة تكوينية

البحاث: في شنوة؟

انا: في القيادة

البحاث: أما قيادة؟ قيادة السيارات؟ بش تضبعني راني لتوة محترمك في خاطر بن جدو.

انا - في قلبي - شكون بن جدو هذا؟

البحاث: كنت في لبنان وتركيا، وتوة في الشعانبي، ايا كيفاه الموضوع؟ جيب ملخر رانا مزروبين.

انا: والله كيما نحكيلك، مشيت فورماسيون، راني كنت نسهر البارح.

البحاث: وين

انا: في قمرت

البحاث: ومبعد

انا: صاحبي الثاني عندو الشايب مريض بالسكر.

البحاث: الشايب.. مدام تقول الشايب مالا من بوزيد بلحق، كمل

انا: هبطنا نطلو عليه، فقط في خاطر صاحبنا الثاني، ومبعد حب يعمل بينا تصويرات ونروحوا، هذاكا هو.

البحاث: تصويريات؟ تره تره التلفون.

  • شد التلفون فلى التصاور الكل- 

البحاث: هاو ما ثمة شي، كان تصاور السلتيا

انا: ماني قتلك، كنا نسهرو.

البحاث: تسهرو ومبعد تهبطو للشعانبي. بالحرام كان جيت ابيك راني علقتك في هاك الباب، أما في خاطر بن..

يدخل الراجل الطويل، يحل الباب بالقوي:

البحاث الثاني: تي هاي بيعة زرقة

البحاث لول: شنوة؟ 

البحاث الثاني: الكرهبة لي جايين بيها كانت في شارع الكذا.

البحاث لول: شارع الكذا؟ هي ومبعد؟

البحاث الثاني: دار رئيس الحكومة.

البحاث لول: الليلة المبروكة.

يخرج البحاث الثاني ونسمع فيه يصيح على صاحبي الثاني.

البحاث: شفت كي نجربك، طلعت طحان، مشيت معاك راجل وطلعت بلعوط.

انا: راو صاحبي لول يسكن غادي

البحاث: بلع! تعديتو بحذا رئيس الحكومة وكنت في لبنان وتركيا ومبعد هابطين للشعانبي، يا بالحرام هاذي لعبة كبيرة

انا: صاحبي لول يسكن فرد نهج هو ورئيس الحكومة، ديما تتعدى الكرهبة من غادي.

البحاث: اي لا الحق، مناظر متاع جيرة مع سي الحبيب، الليلة تجيبو البحث يا طحانة. اخرج ستنى توة نرجعلك.

خرجت، قعدت بحذى صاحبي الثاني، غزرلي وشاف وجهي اصفر، ويتطرشق بالضحك.

انا: تضحك؟ لا اله الا الله، ظهرلي انا ضبعت ولا انتوما ضبعتوا.

صاحبي الثاني: مثمة شي اراجل، عمك بن جدو دخل فاها نصيف ساعة ونروحو.

انا: شكون بن جدو؟

صاحبي الثاني: تره هات هات اك التلفون، تلفوني فكو البحاث.

انا: حتانا فكهولي

صاحبي الثاني: هاك انت لي ضبعت، تي مد التلفون.

نلقى لي التلفون مزال فيدي، البحاث بربشو ومدهولي.

صاحبي الثاني هز التلفون، نشوف فيه يكتب في مساج: "قول لبابا راهو المركز لي توقفت فيه هاك العام على المقرون".

معدتي دارت، حاس الارض بدات تدور بيا، شديتو من سوريتو.

انا: تبعث في مساج هكة من تلفوني؟

صاحبي الثاني: هبط يديك! تشبيك هترت اراجل، تي حكاية فارغة عامين التالي مقرون نصيدو بيه الرخصة متاعو وافية، ننعت في بابا تشبيك بوهالي.

انا معادش فيها جهد، شنوة الفرق محسوب؟ هي اتخذت في الحالات الكل. 

خرج صاحبي لول من البيت الثانية مع البحاث الثاني، وهو يضحك.

انا: تضحك؟ على شنوة سالك؟

صاحبي لول: على عم الحبيب، تي جارنا، عييت نسرق في البرتقان من جردتهم، توة ولاتلي حكاية.

انا: هكة تحكي على رئيس حكومة؟

صاحبي لول: محسوب، عم الحبيب متاعنا.. ستنى اما تطلب، الو، اهلا يامي، لباس لباس، هاني مع صحابي نطلو على بو صاحبنا، لباس، غدوة نبدى في الدار، ما تتقلقش.

علق التلفون و يموت بالضحك بالصوت.

شديت الكرسي بيديا، كرسي حديد وخشب كيما كراسي المعلمين في المكتب، غمضت عينيا، زعمة نروحو؟ زعمة محكمة وحبس؟ نعرف لي بمجلة المرافعات العسكرية ساهل ملفنا علخر وفيه حبس. حسيت بدني الكل برد.

تعدى الوقت، برشة وقت، لين فقد معناه، البحاثة، يدخلو، يخرجو، يعاودو يعيطولنا، نفس الاسئلة، مرة واثنين وثلاثة. 

نسمع في البحاث لول يحكي في التلفون:

  • ايه، تي ايه، تي ذري تتراقص ماعندهم شي، الكرهبة هذيكا خاطر يسكن غادي، ايه ثبتنا، يا ولدي يلعبو، مثماش تصاور…لا… لا.. مثمة شي.. تي شبيكم مكبشين؟ الداخلية بحثت كل شي، نبعثولكم التقرير الليلة.. تهنى.. سينا برك.. توة نكبسوهم… برة برك…


خرج البحاث، عيطلنا:

  • عندكم محكمة عسكرية نهار 18 جانفي في الكاف، بش معادش تعاودو صنعتكم، صحة ليكم في خاطر سي بن جدو، والله كان ما تكلم عليكم حد، اقسم بالله راني نبدى نعفس فيك برجلي وانت تقلي يرحم والديك.

البحاث الثاني: ريتوها الڨصرين؟ معادش تجوها أصل، ماناش ناقصينكم.

صاحبي لول: علاه؟ كلها بلادي

غزرتلو ومانيش مصدق كيفاش معطيتوش صرفاق.

البحاث لول: بلادك؟ لالا مشي بلادك، و معادش تجي، ومازلت نشوفك هنا إلا ما نعملك مشوي في بوزقام. برو روحول عليا نحب نروح الله لا تربحكم.


خرجنا، مازلت في حالة متاع إنكار، معادش عارف شنوة الوقت ولا النهار شنوة، ولا قداش من ساعة تعدات ملي كنا في قمرت.

سليم روح، وصاحبي لول والثاني ركبوا من قدام، وانا من تالي، شدينا الثنية، وانا نحاول نرقد.

هبطنا في القيروان، توحشت مقروض القيروان، مشيت شريت شوية، وطلعت في الكرهبة.

تحركنا، قربنا بوفيشة.

صاحبي لول: - تره حمادي كعيبة من هاك المقروض لي شريتو الله يرحم والديك.

انا: باهي… لحظة…

لوجت لوجت، شي المقروضات ما ثماش..

انا: ظهرلي نسيتهم في الكونتوار لولاد، شريتهم وخليتهم في بلاصتهم…

يغزرو لبعضهم، ومبعد يغزرولي في زوز ثواني، ويتطرشقوا بالضحك.


سكتت، سكتت، وتطرشقت بالضحك معاهم، معادش نجم، نحب نروح نرقد.



Comments

Post a Comment

Popular posts from this blog

تحت الضغط

هلع

وِحدة