حُلم
كم أحلم، بالقاء كل شيء وراء ظهري، بأن أترك كل شيء، الجامعة، و العمل، و العائلة، و نفسي، و أن أحمل ذاتي التائهة فقط، و أطير.
كم أتمنى أن أكون بجناحين، أن أطير عاليًا، كي أتفرج على العالم من الأسفل، صغيرًا صغيرًا، حتى يستحبل مجرد سراب، ثم أتخذ من سحابة مسكنا لي.
أريد أن أرقص، أن أرقص كثيرا، و أنا ثمل، لا عقل لي، و لا رأس يحمل تلك الأفكار الكثيرة المتصارعة المتعِبة، أن تحمرّ وجنتاي فرحًا، و رقصًا، و ثمالةً، و أصبح جزءًا من الموسيقى الصاخبة التي تُعزف، أتوحد بها، فأطير بطريقة أخرى، بأجنحة جديدة.
أريد أن أحمل حقيبة صغيرة، تحمل أوراقا و كتبا، و أرحل الى غابة منعزلة، على شاطئ صغير، فأبني لنفسي هناك، بيتًا من ورق، و أعيش سعيدًا، دون حرب أو نزاع أو حافلة و سيارة أجرة أو اشارات مرور حمراء و برتقالية و خضراء أو رجال شرطة و وزراء و نشالين و أبواق سيارات و شجار مارّة، أصبح ملكا لجمهوريتي الصغيرة، جمهورية الورق.
كم أريد، أن تكون لي يوماً ما، حبيبة، حبيبة حقيقية، تحبني فقط، أنا الرجل المهزوم المتعب، ترافقني في رحلة الطيران، و الرقص، و الثمالة، و مملكة الورق، فنرقص كثيرًا، و نطير أكثر، ثم نمارس الحب في طيران جديد.
كم أتمنى و أتمنى، و كم تبدو لي هاته الذات البشرية معذبة، بائسةً، لا تملك غير الأحلام لتعيش بها، وسط هذا الخراب الكبير، الذي يسمى وجودًا.
أحياناً أتساءل، هل لنا الحق في الحلم، هل الحلم "مشروع" أم هربٌ زائف، هل نحمل الخراب على ظهورنا، و ننساق فيه، نغرق، نتصارع معه، أم نحمل مدافع أحلامنا، و نصوبها تجاهه، و نطلق أحلاما في كل الاتجاهات، و نخلطها مع الواقع، كي نخلق فوضى أجمل؟
هل وجودنا العدمي يبتلعنا، أم سنبتلعه؟
Comments
Post a Comment